ما هي التحديات التي تواجه صناعة الطيران الأميركية؟ -- Jun 09 , 2025 5
قال الرئيس دونالد ترامب إنه يسعى إلى تعزيز الوظائف في قطاع التصنيع وغيرها من الوظائف التقنية في أميركا. لكن في صناعة الطيران، لا يزال العثور على عمال مهرة لصناعة الطائرات ومحركاتها، والاحتفاظ بهم على المدى الطويل، يشكّل تحدياً مستمراً.
ويبلغ متوسط عمر الفنيين المعتمدين لصيانة الطائرات في الولايات المتحدة 54 عاماً، فيما تزيد أعمار 40% منهم على 60 عاماً، بحسب تقرير مشترك لعام 2024 صادر عن مجلس تعليم فنيي الطيران وشركة الاستشارات أوليفر وايمان، استناداً إلى بيانات إدارة الطيران الفدرالية الأميركية. ويتوقع التقرير أن تعاني الولايات المتحدة من نقص يبلغ 25 ألف فني طائرات بحلول عام 2028.
وقال ديفيد سيمور، الرئيس التنفيذي للعمليات في «أميركان إيرلاينز»، والتي تُشغّل أكثر من 6 آلاف رحلة يومياً لـCNBC: «الكثير منهم تم توظيفهم في الثمانينيات وأوائل التسعينيات. إذا بدأت في إجراء بعض الحسابات، فستُدرك أنهم سيبلغون سن التقاعد قريباً».
ولتعزيز أعداد الفنيين، تسعى شركات الطيران والمصنّعون الكبار للطائرات ومكوناتها إلى جذب أعداد أكبر من الشباب للانخراط في هذا المجال.
كانت الصناعة تواجه موجة تقاعد بالفعل عندما ضربت جائحة «كوفيد»، ما دفع الشركات إلى خفض أعداد موظفيها أو تقديم حوافز تقاعد مبكر للعمال ذوي الخبرة، من صانعي الطائرات إلى الفنيين القائمين على صيانتها وضمان استمرار تحليقها.
وقال كريستيان مايسنر، مدير الموارد البشرية في «جي إي إيروسبيس»: «ينسى البعض أن قطاع الطيران كان يشهد نمواً ملحوظاً قبل الجائحة. ثم، وبكل صراحة، انتقلنا بين ليلة وضحاها من مرحلة التصعيد إلى انعدام كامل في الطلب. ونتيجة لذلك فقدنا الكثير من الكفاءات».
وتنتج شركة «جي إي» بالشراكة مع نظيرتها الفرنسية «سافران» المحركات الأكثر مبيعاً التي تُستخدم في الطائرات التجارية الأكثر رواجاً لدى «بوينغ» و«إيرباص»، وقد كثفت الشركتان من عمليات التوظيف، رغم اعتمادهما على شبكة من المورّدين الصغار الذين ما زالوا يعملون على استعادة قدراتهم التشغيلية بعد الجائحة.
وأوضح «مايسنر» أن الشركة تسجل معدلات احتفاظ مرتفعة بالموظفين، وأن بعض العاملين يحصلون على تراخيص من إدارة الطيران الفدرالية أثناء عملهم، تمكنهم من صيانة هياكل ومحركات الطائرات.
متوسط أجور صناعة الطيران
وفي مصنع «جي إي» للمحركات في مدينة لافاييت بولاية إنديانا -على بُعد نحو ساعة من إنديانابوليس- يبلغ متوسط الأجور الأساسية السنوية ما بين 80000 و90000 دولار، بحسب المؤهلات والخبرة، وفقاً لما ذكرته الشركة.
بلغ متوسط الأجر السنوي لفنيي أو ميكانيكيي الطائرات في الولايات المتحدة 79140 دولاراً في عام 2024، مقارنة بمتوسط الدخل الوطني البالغ 49500 دولار، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأميركي.
ويتوقع المكتب أن يشهد القطاع نحو 13400 فرصة عمل جديدة سنوياً خلال العقد المقبل.
وقال ديفيد سيمور، مدير العمليات في «أميركان إيرلاينز»، إن الفنيين في الشركة يمكن أن يصلوا إلى دخل سنوي قدره 130000 دولار بعد تسع سنوات، بفضل الزيادات الأخيرة في الأجور.
وبينما لا يتوقع كثير من الخبراء أن تعود الوظائف التي نُقلت إلى الخارج مثل تصنيع الملابس إلى الولايات المتحدة، فإن القطاعات عالية القيمة عادةً ما تقدّم أجوراً مرتفعة، كما أنها أكثر استقراراً ومن المرجّح أن تبقى داخل البلاد. ومع ذلك، يبقى التوظيف في هذا القطاع تحدياً، رغم كونه يُعتبر ذا أهمية سياسية ورمزاً للقوة الاقتصادية الأميركية.
ولا تقتصر أزمة نقص العمالة على فنيي الطائرات والمحركات؛ إذ تعاني البلاد أيضاً من نقص في عدد مراقبي الحركة الجوية، ما قيّد نمو شركات الطيران وأثار مخاوف تتعلق بالسلامة خلال السنوات الأخيرة. وقد أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب عزمها زيادة الأجور وتسريع وتيرة التوظيف في هذا القطاع، في محاولة لمعالجة هذا النقص المزمن.
ويُشكّل قطاع التصنيع نحو 9% من إجمالي العمالة في الولايات المتحدة، غير أن «لدى الأميركيين نوعاً من الهوس بصناعة التصنيع، فنحن نركّز عليها أكثر من غيرها»، وفق ما قاله غوردون هانسون، أستاذ سياسات المدن في جامعة هارفارد.
بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة في شهر مايو أيار 4.2%، دون تغيير يُذكر.
وأشار غوردون هانسون، أستاذ سياسات المدن في جامعة هارفارد، إلى أن أحد التحديات التي تواجه وظائف التصنيع هو أن العمال لا يتمتعون بمرونة جغرافية كبيرة، ما يصعّب جذب موظفين من مناطق أخرى عندما يُعاد فتح المصانع أو يتم توسيع التوظيف.
وقال هانسون: «أنت تطلب من سوق العمل المحلي أن يوفّر العمالة اللازمة»، في إشارة إلى محدودية القدرة على استقطاب اليد العاملة من خارج المنطقة.
شهدت أجور الفنيين العاملين في صيانة الطائرات لدى شركات الطيران، وكذلك لدى الشركات المصنعة الكبرى مثل «بوينغ»، ارتفاعاً خلال السنوات الأخيرة، وذلك في ظل النقص المستمر في العمالة الماهرة وتزايد الطلب على السفر والطائرات. لكن بعض العاملين يرون أن هذه الزيادات لا تزال غير كافية.
وقالت سارة ماكليود، المديرة التنفيذية لجمعية محطات إصلاح الطيران: «نحن بحاجة إلى رفع الأجور»، مشيرة إلى أن معظم الشركات التي تتعاون مع الجمعية هي من فئة المشاريع الصغيرة.
وحذّرت ماكليود من أنّ «نقص القوى العاملة هذا ستشعر به جميع دول العالم. أنتم بالفعل لا تستطيعون بناء منازلكم. لا تستطيعون إنجاز أبسط الأمور. أعتقد وأدعو أن يكون قطاع الطيران قادراً على قيادة تعافي سوق العمل».
الحصول على رخصة إدارة الطيران الفدرالية
الحصول على رخصة إدارة الطيران الفدرالية قد يستغرق الحصول على رخصة إدارة الطيران الفدرالية عدة سنوات، لكن العائد المهني والمادي يمكن أن يكون كبيراً. ولهذا، بدأ بعض الطلاب في التفكير بتجاوز خيار الدراسة الجامعية التقليدية التي تمتد لأربع سنوات، والتوجه مباشرة إلى العمل في القطاع بعد المدرسة الثانوية.
وقال سام موتشياردي، وهو طالب في الصف النهائي بمدرسة الطيران الثانوية في منطقة كوينز بمدينة نيويورك: «أفكر في الذهاب إلى الجامعة، لكن الأمر يعتمد على ما يأتي أولاً. إذا أتيحت لي فرصة للعمل في شركات الطيران، فأرغب في اغتنامها».
وتُعد المدرسة العامة، التي تضم نحو 2000 طالب، واحدة من المؤسسات القليلة التي تتيح لطلابها البقاء عاماً خامساً بعد التخرج لاجتياز التدريب والحصول على رخصة إدارة الطيران الفدرالية ضمن برامجها التعليمية.
وأضاف موتشياردي: «أبقى في المدرسة بعد الدوام يومياً للعمل على الطائرات، ربما أكثر مما ينبغي.. لكنني ما زلت أستمتع بذلك كثيراً. هذا هو الشيء الذي أضع فيه كل قلبي».
ومنذ ثلاثينيات القرن الماضي، تعمل المدرسة على إعداد الطلاب لصيانة الطائرات، لكن في السنوات الأخيرة شهدت طلباً متزايداً من شركات الطيران.
وقال مدير المدرسة، ستيفن جاكسون: «عادةً ما يتوجّه خريجو برامج مثل برنامجنا إلى شركات الطيران الإقليمية أولاً، مثل "إنديفر" و"إنفوي"، لكن مؤخراً، وبسبب النقص الحاد في الفنيين، بدأنا نرى مزيداً من الطلاب يُقبلون مباشرة للعمل في شركات كبرى مثل أميركان ودلتا ويونايتد. لدينا اليوم خيارات واسعة». وأضاف أن المدرسة تلقت نحو 5000 طلب تسجيل هذا العام من طلاب جدد.
cnbc